بوست نيوز :-
تشهد المملكة الأردنية الهاشمية في الآونة الأخيرة تحولات اقتصادية استراتيجية، تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي وتحسين جودة حياة المواطنين والنمو المستدام. هذه الإصلاحات، التي تقودها الحكومة الأردنية بالتعاون مع القطاع الخاص تحت إشراف الفريق الاقتصادي الحكومي ضمن إطار رؤية التحديث الإقتصادي والتي تُعد خريطة طريق شاملة نحو اقتصاد قوي ومستدام حيث تهدف إلى معالجة التحديات الاقتصادية الحالية من خلال اتخاذ خطوات جريئة لتسريع النمو وتخفيف عبء الديون وخلق بيئة إستثمارية منافسة. ويمثل هذا التوجه خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية في بيئة مليئة بالتحديات، محلياً وإقليمياً.
دور القيادة الهاشمية والمؤسسات الأمنية لضمان الاستقرار في بيئة غير مستقرة
لا يمكن الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية في الأردن دون التأكيد على الدور البارز للقيادة الهاشمية والمؤسسات الأمنية في توفير الاستقرار السياسي والأمني. وبفضل الرؤية الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني، تم تأمين بيئة آمنة ومستقرة، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد الأردني على الرغم من التحديات التي تطرأ حول المملكة، فإن الأمن والاستقرار يعززان الثقة لدى المستثمرين ويوفران قاعدة صلبة لاستمرار الإصلاحات وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
الإصلاحات الاقتصادية: محركات رئيسية للانتعاش والنمو
ومن ابرز القرارات الحكومية:
1. خفض الفائدة على القروض السكنية: دعم القدرة الشرائية
واحدة من الإجراءات الاقتصادية البارزة التي أُعلنت مؤخرًا بالشراكة مع القطاع المصرفي، هي خفض الفائدة على القروض السكنية بنسبة 4.99% لمدة ثلاث سنوات. يأتي هذا القرار في إطار تحفيز القطاع العقاري ودعم المواطن في الحصول على التمويل اللازم لشراء المنازل، ما يسهم في زيادة النشاط الاقتصادي في هذا القطاع. هذه الخطوة تُعد بمثابة دعم مباشر لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيف عبء القروض على المواطنين ويخلق فرص عمل في مجال البناء، خاصة في وقت يحتاج فيه السوق إلى دفعة جديدة لزيادة حركة شراء وبيع العقارات.
2. إعفاء المركبات غير المرخصة: تحفيز السيولة وتعزيز النشاط المحلي
أيضاً إعفاء المركبات غير المرخصة لأكثر من عام من الرسوم والغرامات المتراكمة. حيث تجاوز عدد المركبات التي تشملها هذه المبادرة 550 ألف مركبة، ما يعكس حجم التحفيز الذي سيوفره هذا القرار لتعزيز السيولة المالية في الأسواق حيث ان هذه المبالغ المترتبة على هذه السيارات تبلغ 332 مليون دينار. كما أن هذه الخطوة ستعمل على تحفيز الأسواق المحلية وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين من خلال تدفق الأموال في السوق المحلي بإتحاحة هذا الوفر للمواطنين لتوجيهه نحو تحسين حياتهم اليومية وتحفيز النشاط التجاري والاستهلاك لتحريك عجلة الاقتصاد ورفع مستيات المعيشة.
3. تسويات ضريبية: تعزيز إيرادات الدولة وتحسين الإدارة المالية
في إطار إصلاح النظام الضريبي، أطلقت الحكومة الأردنية خطة لتسوية الديون الضريبية المتراكمة، والتي بلغت قيمتها أكثر من 300 مليون دينار حيث تعتبر هذه الخطوة أساسية في تعزيز إيرادات الدولة وتخفيف الضغط المالي على الشركات والمواطنين، ما يسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل. تعكس هذه المبادرة التحسن في إدارة المالية العامة والشفافية في التعامل مع القضايا الضريبية وتسهم في ضخ ما يزيد عن 300 مليون دينار من الأموال المجمدة من تحصيلات دائرة الجمارك والضريبة وهذا يؤدي لزيادة الايرادات الحكومية دون رفع الضرائب وبذلك يتم تحقيق كفاءة اكبر في تحصيل الايرادات وتقليل البروقراطية في التعاملات المالية مما يعزز من التزام المستثمرين والشركات بما يعزز الثقة في النظام المالي.
4. مشاريع البنية التحتية الكبرى: تعزيز القدرة التنافسية
من المشاريع الاستراتيجية التي ستسهم في تعزيز التنافسية الاقتصادية في الأردن هي مشروعات البنية التحتية الكبرى مثل مشروع سكة الحديد من العقبة إلى الشيدية، ومشروع الناقل الوطني للمياه والذي يعزز الأمن المائي. هذه المشاريع ستؤدي إلى تحسين البنية التحتية للبلاد، مما يُسهم في تقليل تكاليف النقل ويزيد كفاءة القطاعات الإنتاجية مثل التعدين والزراعة ويرفع مستوى الخدمات في مختلف القطاعات وكذلك توفير العديد من فرص العمل في قطاع الإنشاءات، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية للأردن على مستوى الإقليم والعالم.
5. استبدال بعض الديون بقروض ميسرة: إدارة الدين العام بفعالية
إدارة الدين العام البالغ نحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي حيث تُعد إدارة الدين من أبرز القضايا الاقتصادية التي تركز عليها الحكومة. ومن أجل تقليل عبء الفوائد على الموازنة العامة، تعمل الحكومة على استبدال بعض الديون بقروض ميسرة ذات فوائد منخفضة وذلك بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة. هذا التوجه يسهم في تحسين القدرة المالية للدولة وتوجيه الأموال نحو مشاريع تنموية هامة تساهم في تعزيز الاستقرار المالي وتحفيز النمو الاقتصادي.
6. تعزيز السياحة العلاجية
إن تسهيل دخول الجنسيات المقيدة وفتح خطوط طيران مباشرة جاء لتعزيز السياحة العلاجية التي تُعد من أهم القطاعات التي تسهم في زيادة العوائد الخارجية وتسهم في تعزيز سوق العمل وتوفير فرصة للقطاع الخاص لتطوير خدماته وجذب المزيد من السياح.
7. الشراكة مع القطاع الخاص: رافعة للنمو المستدام
تسهم لقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني مع المستثمرين الدوليين والمحليين في تعزيز ثقة المجتمع الاستثماري بالسياسات الاقتصادية الاردنية والتي تولي الحكومة الأردنية أهمية خاصة بها لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وهو ما يظهر جليًا في تنفيذ مشاريع مشتركة تهدف إلى تحفيز الابتكار وزيادة الاستثمارات في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا والطاقة والسياحة. ويشكل القطاع الخاص عنصراً مهماً في دفع عجلة التنمية، ومن المتوقع أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق النمو المستدام في المستقبل. كما ان الحكومة تسعى لتوفير بيئة مواتية لتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتقديم محفزات للقطاع الخاص للمساهمة في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية.
*** هذا التوجه يجعل من الأردن نموذجاً يحتذى به في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية بالاعتماد على الاستقرار السياسي والإصلاحات الاقتصادية الفاعلة.
رأي صندوق النقد الدولي: دعم الإصلاحات الاقتصادية الأردنية
يُعد صندوق النقد الدولي داعماً رئيسياً في تنفيذ الإصلاحات و يُشيد الصندوق بالإصلاحات التي نفذتها الحكومة الأردنية، مؤكداً أن هذه السياسات تُعد خطوات إيجابية نحو تحقيق الاستقرار المالي والنمو المستدام. وأوضح الصندوق أن القرارات المتعلقة بـخفض الفائدة على القروض السكنية و إعفاء المركبات غير المرخصة و التسويات الضريبية وكذلك توجيهات الحكومة بخفض العجز التجاري تُعتبر من الإجراءات التي تعزز النشاط الاقتصادي وتحسن المناخ الاستثماري في المملكة وتمثل محركات هامة لتحفيز النمو الإقتصادي في المملكة، ويؤكد الصندوق على ضرورة تحقيق توازن بين التقشف المالي والاستثمار في التنمية. كما ان هذه السياسات تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي يسعى الأردن لتحقيقها على المدى الطويل.
ختاماً: نحو اقتصاد مستدام
مع استمرار تنفيذ هذه الإصلاحات، يبقى التحدي الأكبر في إدارة الديون العامة و تقليل العجز التجاري. ومع ذلك، من الواضح أن الحكومة الأردنية وفريقها الإقتصادي، بقيادة جلالة الملك، تعمل على تحقيق استدامة اقتصادية من خلال تنويع الاقتصاد وتعزيز الشراكات الدولية. وبالتالي، يسير الأردن في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق النمو المستدام الذي يعزز من استقرار المملكة ويرسخ مكانتها كداعم رئيسي في المنطقة ويعزز من ثقة المواطن الأردني في المستقبل الاقتصادي للملكة.
حمى الله الأردن، حمى الله الملك و ولي عهدة الامين.