بوست نيوز
Ad Space

عيد الجلوس الملكي وذكرى الثورة العربية ويوم الجيش.. محطات وضَّاءة في مسيرة الوطن

naseem9 يونيو 2022آخر تحديث : منذ سنتين
naseem
شريط الاخبارمحلياتمنوعات
اعلن هنا
عيد الجلوس الملكي وذكرى الثورة العربية ويوم الجيش.. محطات وضَّاءة في مسيرة الوطن
اعلن هنا

(بترا) – إعداد مديرية الإعلام العسكري – العاشر من حزيران هو ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش العربي، يخطر في البال عند ذكرهما الأحداث العظيمة في تاريخ هذه الأمة؛ عندما وقف الهاشميون وفاء لواجبهم ومسؤولياتهم التاريخية، وقادوا الأبناء في أعظم ثورة شهدها التاريخ السياسي العربي الحديث؛ شكلت البداية الأولى لنهضة الأمة العربية، والخطوة الأولى على طريق تحررها ووحدتها.
لقد مثلت الثورة منعطفا تاريخيا انتقل معه العرب من حالة إلى حالة، بعد حوالي أربعمئة عام من الحكم العثماني الذي طال كل مناحي حياة الأمة العربية، لم يشهد فيه العرب أي تقدم يذكر، ولا حتى مساواتهم بغيرهم، أو إعطائهم أبسط حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ لذلك كان أفق هذه الثورة هو الوطن العربي بأكمله، شارك فيها أحرار العرب من معظم أقطار المشرق العربي، تحقيقا للإرادة العربية الحرة، وتأسيس دولتها العربية المستقلة، وهو ما شكل البعدين السياسي والقومي للثورة العربية الكبرى.
بالمقابل، تمثل البعدان الثقافي والديني بإعادة الاعتبار للثقافة العربية الإسلامية؛ وإعادة الخلافة إلى أصلها العربي؛ وهو ما جعلها ثورة إصلاح ديني بامتياز، فكانت دفاعا عن الدين والبلاد وأمة العرب؛ عندما حولت جمعية الاتحاد والترقي دولة الخلافة العثمانية إلى دولة قومية علمانية؛ وسعت إلى إلغاء لغات المجتمعات المختلفة داخل الدولة، واعتماد اللغة التركية بدلا عنها، وصولا إلى طمس هوياتها الخاصة بالقوة؛ وهي ما عرفت في التاريخ السياسي العربي الحديث باسم (سياسة التتريك)؛ التي علقوا بسببها المشانق لأحرار العرب.
ولبى الحسين بن علي نداء أحرار العرب ليكون قائدا للثورة ضد الظلم والاستبداد ونصرة للدين؛ فحمل شريف مكة لواء الثورة ورسالة نهضتها وآمال اليقظة العربية، لتحقيق الرفعة والكرامة والحياة الفضلى لكل العرب؛ فتمت المبايعة وتنادى الأحرار من كل صوب وحدب، ونسوا -كما هي عادة العربي الأصيل- مر العيش، وركنوا الجوع والمرض والفقر، وجعلوا منها سيوفا وخيولا تحمل فوق أسنتها وأعناقها أمل كل عربي يحلم بالحرية والاستقلال والكرامة، وما تأخر أنجال الحسين بن علي عن حمل هذا الشرف والرسالة مع والدهم؛ فكانوا الوزراء والسفراء والقادة، وقبل هذا وذاك كانوا أمراء الحرية، وسدنة البيت الحرام مسرى جدهم ومهبط الوحي ومنبت الرسالة الممتدة من الأجداد إلى الأحفاد، ومن هنا كان الاختيار لهذا البيت مكانا لانطلاق ثورة العرب امتدادا لرسالة الإسلام والسلام والمحبة والحرية.فلم تكن الثورة العربية الكبرى وليدة لحظات أو تلبية لنزعات شخصية، بل كانت تراكمات كثيرة من الاستعداد والتحضير والتفكير في كل ما يمكن أن تواجهه من معيقات، وكل ما يجب أن يتم تحضيره على كل المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعندما كانت الظروف التي يعيشها العرب في ظل الدولة العثمانية لا تمكنهم من القيام بهذه الثورة؛ وهم الذين لا يملكون من مقوماتها المادية إلا الشيء اليسير، ولكنهم كانوا يملكون الإرادة والتصميم والتحدي، ومن هنا ونظرا للمتغيرات السياسية الكثيرة على الساحة الدولية آنذاك، كان لا بد من التحالف مع إحدى الدول الكبرى، وهو ما اتفق عليه أحرار العرب في مؤتمر دمشق 1915.
وتمكن الشريف الحسين، وبنوايا المسلم الصادق والعربي الأصيل، أن يأخذ وعودا بريطانية بتقديم المساعدة للعرب في هذه الثورة؛ للحصول على استقلال بلادهم ونيل حريتهم، ولكنها (أي الدول الحليفة) كانت تظهر شيئا وتضمر أشياء كثيرة اتسمت بالخيانة والغدر الذي لم نتعود عليه في حياتنا الإسلامية العربية الأصيلة، وتمثل هذا الغدر بوعد بلفور وسايكس بيكو..
لم تنته خيانات الحلفاء ومساوماتهم حتى بعد انتهاء الثورة وتحقيقها لبعض أهدافها، بل استمرت في صور أخرى وصلت إلى تغيير مجرى الأحداث من مواجهات مع الجيش العثماني إلى مواجهات مع الجيش الفرنسي وتقاعس واضح ومخطط له، وسكوت عن الحق من قبل الجيش البريطاني؛ عززه تحالف بريطاني فرنسي صهيوني لتقسيم البلاد العربية والانتداب عليها واستغلال ثرواتها، حتى وصل الأمر إلى طرد من قادوا ثورتها خارج البلاد التي ارتوت من دمائهم، وتردد في شعابها صهيل خيولهم، وأبعدوا رمز الوحدة والحرية والاستقلال “الحسين بن علي”، وما يزال صدى صوته ينبعث بعد عقود من الزمن، ويبشر بقدسية الرسالة “إنني أحب قومي وبلادي وديني أكثر من أي شيء في هذا الوجود”، مقولة ستبقى تذكي في نفوسنا معاني التضحية والفداء، ومعاني الحرية والوحدة والاستقلال، وستبقى تبعث في هذه الأمة ما يكفل لها البقاء والتماسك أمام كل المتغيرات المتسارعة، عصية في وجه مختلف الصعوبات والتحديات.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)